فصل: تفسير الآية رقم (3):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (3):

{فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3)}
بِلاد العَرَبِ (أَدْنى الأَرْض- وَكَانَتِ المَعْرَكَةُ بَينَ الأُرْدُنِّ وفِلَسْطِين) وَلكِنَّ الرُّومَ سَيَغْلِبُونَ الفُرسَ، خِلالَ بِضْعِ سِنينَ (وَالبِضْعُ تَسْتَعْمِلُهَا العَرَبُ لِمَا بَيْنَ الثَّلاث وَالتِّسْعِ)، وَكَانَتْ غَلَبَةُ الرُّومِ للفُرْسِ خِلالَ تِسْعِ سَنَواتٍ كَمَا جَاءَ في القُرآن. وَقَدْ تَرَاهَن أَبُو بَكْرٍ مَعَ أُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ (وَهُوَ مِنَ المُشرِكِينَ) عَلَى تَحَقٌّقِ غَلَبِ الرُّومِ خِلالَ تِسْعِ سَنَواتٍ، كَمَا جَاءَ في القُرآن، عَلَى مِئَةِ نَاقَةٍ، فَرَبحَ أَبُو بَكْرٍ الرِّهَانَ، وَكَانَ ذَلِكَ دَليلاً عَلَى صِدْقِ مُحَمذَدٍ صلى الله عليه وسلم فِيمَا جَاءَ بِهِ مِنْ رَبِّهِ.
أَدْنَى الأَرْضِ- أَقْرَبِ أرْضِ الرُّومِ إِلى بِلادِ العَرَبِ.

.تفسير الآية رقم (4):

{فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4)}
{يَوْمَئِذٍ}
(4)- وَللهِ الأَمرُ مِنْ قَبْلِ غَلَبِ الرُّومِ عَلَى فَارِسَ، وَمِنْ بَعْدِهِ، فَمَنْ غَلَبَ فَإِنَّهُ يَغْلِبُ بأَمرِ اللهِ تَعَالى وَقَضَائِهِ، وَيومَ تَغْلِبُ الرُّومُ الفُرسَ يَفْرَحُ المُؤمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ لَهُ كِتَابٌ عَلَى أَهلِ الشِّرْكِ، وَسَيكُونُ ذَلِكَ فَألاً حَسَناً لِغَلَبةِ المُسْلِمِينَ عَلَى الكَافِرينَ.

.تفسير الآية رقم (5):

{بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5)}
(5)- وَيَومَ تَنْتَصِرُ الرُّومُ عَلَى الفُرسِ المُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ إخْوانَهُمْ أَهْلَ الكِتابِ عَلى المُشْرِكِينَ المَجُوسِ، والله يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ، وَهُوَ الرَّحيمُ بِعِبادِهِ فَلا يُعَاجِلُهُمْ بِالعُقُوبَةِ والانْتِقَامِ، وَإِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ عَيَّنَهُ وَحَدَّدَهُ لَعَلَّهُمْ يَتُوبُونَ إِليهِ، وَيَرجِعُونَ عَمَّا كَانُوا يَجْتَرِحُونَهُ مِنَ السَّيِّئَاتِ.

.تفسير الآية رقم (6):

{وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6)}
(6)- وَهذا الذِي أَخْبَرَكَ بهِ رَبُّكَ يَا مُحَمَّدُ مِنْ أَنَّهُ سَيَنْصُرُ الرُّومَ عَلَى الفُرسِ، هُوَ وَعْدٌ حَقٌّ مِنَ اللهِ تَعَالى، واللهُ لا يُخْلِفُ وَعْدَهُ أَبَداً، لأَنَّ سُنَّتَهُ قَدْ جَرَتْ بأَنْ يَنْصُرَ أَقْرَبَ الطَّائِفَتَيِنِ إِلى الحَقِّ، وَيَجْعَلَ لَهَا العَاقِبَةَ. ولكِنَّ أَكثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ذلِكَ لِجْهْلِهِمْ، وَعَدَمِ تَفَكُّرِهِمْ في النَّوامِيسِ التِي وَضَعَهَا اللهُ في الكَوْنِ.

.تفسير الآية رقم (7):

{يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7)}
{ظَاهِراً} {الحياة} {غَافِلُونَ}
(7)- وَأَكْثَرُ النَّاسِ لَيْسَ لَهُمْ عِلْمٌ إلا بالأُمُورِ الدُّنْيا: كَتَدْبيرِ مَعَايِشِهِمْ، وَتَنْمِيَةِ مَتَاجِرِهِمْ، واسْتِثْمَارِ مَزَارِعِهِمْ.. وَهُمْ غَافِلُونَ عَنْ أُمُورِ الدِّينِ، وما يَنْفَعُهُمْ في الآخِرَةِ، كَأَنَّ أَحَدَهُمْ مُغَفَّلٌ لا عَقْلَ لَهُ.

.تفسير الآية رقم (8):

{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ (8)}
{السماوات} {بِلِقَآءِ} {لَكَافِرُونَ}
(8)- أَوَ لَمْ يَتَفَكَّرْ هؤلاءِ المُكَذِّبونَ بِالبَعْثِ، مِنْ قَوْمِكَ، فِي خَلْقِ اللهِ لَهُمْ، وَلَمْ يَكُونُوا شَيئاً، وَتَعَهُّدِهِ لَهُم، حَتَّى صَارُوا كَامِلِي الخَلْقِ وَالعَقْلِ. إِنَّ الذِي فَعَلَ ذَلِكَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُعِيدَهُمْ بَعْدَ فَنَائِهِمْ خَلْقاً جَدِيداً، ثُمَّ يَبْعَثُهُم لُيَجَازِيَ كُلَّ عَامِلٍ بِعَمَلِهِ، واللهُ تَعَالى لا يظْلِمُ أَحَداً، فَلا يُعَاقِبُ مَنْ لَمْ يَرْتَكِبْ ذَنْباً، وَهُوَ تعالى لَمْ يَخْلُقِ السَّماوَاتِ والأَرْضِ إِلا بالعَدْلِ، وَإِقَامَةِ العَدْلِ وَالحَقِّ، إِلى أَجَلٍ مُسَمَّى. فإذا جَاءَ الأَجَلُ أَفْنَى اللهُ ذَلِكَ الخَلْقَ كُلَّهُ، وَبَدَّلَهُ، فَأَصْبَحَتِ الأَرْضُ غَيرَ الأَرْضِ، وحَشَرَ النَّاسَ لِلحِسَابِ، وَلكِنَّ كَثيراً مِنَ النَّاسِ غَفَلُوا عَن الآخِرَةِ وَمَا فِيها مِنْ حِسَابٍ وَجَزَاءٍ، لأَنَّهم لَمْ يَتَفكَّرُوا فِي أَنفُسِهِم، وَلَوْ تَفَكَّرُوا فِيها، وَدَرَسُوا عَجَائِبَها لأَيقَنُوا بِلِقَاءِ اللهِ.
أَجَلٍ مُسَمّى- وَقْتٍ مُقَدَّرٍ لِبَقَائِهَا.

.تفسير الآية رقم (9):

{أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (9)}
{عَاقِبَةُ} {بالبينات}
(9)- أَوَ لَمْ يَسِرْ هؤلاءِ المُكَذِّبُونَ بِوُجُودِ اللهِ وَوحْدَانِيَّتِهِ، وَبِرسَالَةِ الرُّسُلِ، الغَافِلُونَ عَنِ الآخِرَةِ، في البِلادِ التي يَقْصَدُونَها للتِّجَارَةِ، فَيَنظُرُوا إِلى آثارِ عِقَابِ اللهِ لِمَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ مِنَ الأُمَمِ المُكَذِّبَةِ: كَيْفَ كَانَتْ عَاقِبَةُ تَكْذِيبِهِمْ وَكُفْرِهِمْ، وَقَدْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْ قَومِكَ قُوَّةً، وَحَرَثُوا الأَرْضَ وَعَمَّرُوها أَكثرَ مِمَّا عَمَّرَها كُفَّارُ قُريشٍ، ثُمَّ أَهْلَكَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ، وَمَا كَانَ اللهُ بِظَالِمٍ لَهُمْ، وَلكِنَّهُمْ هُمُ الذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَعْصِيتَهِمْ رَبَّهُمْ.
أَثَارُوا الأَرضَ- حَرثُوهَا وَقَلُبوهَا لِلزِّرَاعةِ.

.تفسير الآية رقم (10):

{ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ (10)}
{عَاقِبَةَ} {أَسَاءُوا} {بِآيَاتِ} {يَسْتَهْزِئُونَ} (10)- وَكَانَتْ عَاقِبَةُ هؤلاءِ المُسِيِئِينَ المُكَذِّبِينَ، الظَّالِمِينَ أَنْفُسَهُمْ سَيِّئَةً في الدُّنيا والآخِرَةِ بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ بِاللهِ، وَتَكْذِيبِهِمْ بِآيِاتِهِ وَرُسُلِهِ، وَاسْتِهْزَائِهِمْ بِرُسِلِهِمْ عُتُوّاً واسْتِكْبَاراً.
السُّوأَى- العُقُوبَةَ المُتَناهِيَةَ فِي السُّوءِ- وَهِيَ النَّارُ.

.تفسير الآية رقم (11):

{اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (11)}
{يَبْدَأُ}
(11)- لَقَدْ أَنْشَأَ اللهُ تَعَالى الخَلْقَ وأَوْجَدَهُ بِقُدْرَتِهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ شَيئاً قَبْلَ ذَلِكَ، وَلا شَرِيكَ لَهُ فِيهِ، وَلا مُعِين لَهُ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ يُعِيدُ خَلْقَهُ مِنْ جَديدٍ بَعْدَ فَنَائِهِ وَإِعْدَامِهِ. ثُمَّ يَحْشُرُ اللهُ الخَلْقَ وَيُرجِعُهُمْ إِليهِ لِيُحَاسِبَهُمْ على أَعْمَالِهِمْ، وليَجْزِيَ كُلاًّ بِعَمَلِهِ.

.تفسير الآية رقم (12):

{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (12)}
(12)- وَيَومَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُحْشَرُ المُجْرِمُونَ إِلى اللهِ تَعَالى، وَيَقِفُونَ بين يَدَيهِ سَاكِتينَ، وَهُمْ يَشْعُرُونَ بِاليَأْسِ والخِزْيِ، لأَنَّهُمْ لا يَجِدُونَ ما يَقُولُونَ دِفَاعاً عَنْ أَنْفُسِهِمْ.
أَبْلَسَ- سَكَتَ وَانْقَطَعَتْ حُجَّتُهُ- أَوْ يَئِسَ، كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ.

.تفسير الآية رقم (13):

{وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ (13)}
{شُرَكَآئِهِمْ} {شُفَعَاءُ} {كَافِرِينَ}
(13)- وَلَمْ يَجِدُوا أَحَداص مِنَ الآلِهَةِ التي كَانُوا يَعْبُدُونَها، وَيُشْرِكُونَها بِالعِبَادَةِ مَعَ اللهِ، يَتَقَدَّمُ لِيَشْفَعَ لَهُمْ عِنْدَ اللهِ، وَيُنْقِذَهُمْ مِنْ عذَابِ اللهِ، وَحِينَئِذٍ يَكْفُرُ المُجْرِمُونَ بِالشُّرَكاءِ، وَيَتَبَرُؤونَ مِنْهُمْ.
(أَوْ أَنَّ المَعْبُودِينَ يَكْفُرونَ بِعِبَادَةِ المُجْرِمِينَ إيَّاهُمْ).

.تفسير الآية رقم (14):

{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (14)}
{يَوْمَئِذٍ}
(14)- وَحِينَمَا تَقُومُ السَّاعَةُ، وَيَتمُّ الحِسَابُ، يُوَجَّهُ كُلُّ وَاحِدٍ إلى ما يَسْتَحِقُّهُ مِنْ نَعِيمٍ أَوْ عَذَابٍ، فَيَفْتَرِقُ أَهْلُ الإِيمَانِ عَنْ أهلِ الكُفْرِ، فَلا لِقَاءَ بَيْنَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ أَبداً.

.تفسير الآية رقم (15):

{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15)}
{آمَنُواْ} {الصالحات}
(15)- فَأَمَّا الذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، وَعَمِلُوا الأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ في الدُّنيا، فَإِنَّهُمْ يَكُونُونَ في رِيَاضِ الجِنَّاتِ يَنْعَمُونَ وَيَتَمَتَّعُونَ.
يُحْبَرُونَ- يَنْعَمُونَ أَو يَتَمَتَّعُونَ.

.تفسير الآية رقم (16):

{وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16)}
{بِآيَاتِنَا} {لِقَآءِ} {الآخرة} {فأولئك}
(16)- وَأَمّا الذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَآياتِهِ وَكَذَّبُوا رُسُلَهُ، وَأَنْكَرُوا البَعْثَ والنُّشُورَ والحِسَابَ في الآخِرَةِ، فَيَكُونُونَ حَاضِرِينَ في العَذابِ لا يَغِيبُونَ عَنْهُ أبداً.
مُحْضَرُونَ- تُحْضِرُهُمُ المَلائِكَةُ إِلى العَذَابِ وَلا يغِيبُونَ عَنْهُ أَبداً.

.تفسير الآية رقم (17):

{فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17)}
{فَسُبْحَانَ}
(17)- هُنَا يُوَجِّهُ اللهُ تَعَالى أَنْظَارَ العِبَادِ إِلى تَسْبِيحِهِ، وَتَنْزِيهِهِ عَمَّا لا يَلِيقُ بِجَلالِهِ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَآخِرِهِ.

.تفسير الآية رقم (18):

{وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18)}
{السماوات}
(18)- وَهُوَ الحَقِيقُ بالحَمْدِ، والشُّكْرِ، والثَّنَاءِ، مِنْ جَميعِ خَلْقِهِ، أَهْلِ السَّماوَاتِ وَألأَرْضِ، فاحْمَدُوهُ وَنَزِّهُوهُ وَقتَ اشْتِدَادِ الظَّلامِ في اللَّيلِ (عَشِيّاً)، وَوَقْتَ الظَّهِيرَةِ حِينَ اشْتِدَادِ الضّيَاءِ.

.تفسير الآية رقم (19):

{يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19)}
{يُحْيِي}
(19)- فَهُوَ تَعَالى القَادِرُ عَلَى خَلْقِ الأَشْيَاءِ وأَضْدَادِها، لِيَدلَّ بذلِكَ عَلى كَمَالِ قُدْرَتِهِ وقُوَّتِهِ، فَمِنْ ذَلِكَ إخْراجُهُ النَّبَاتَ الحَيَّ مِنَ الحَبِّ المَيِّتِ، وَإِخْراجُهُ الحَبَّ المَيِّتَ مِنَ النَّبَاتِ الحَيِّ، وَيُحْيِي الأَرْضَ المَوَاتَ بِمَاءِ المَطَرِ الذي يُنْزِلُهُ مِنَ السَّحَابِ، فَتُخْرِجُ الأَرضُ النَّبَاتَ الرَّطبَ الغَضَّ بَعدَ أَنْ كَانَتْ صَعِيداً جُرُزاً. وَكَما أَحْيَا اللهُ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها، وَأَخْرَجَ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ، كَذَلِكَ يُحْيِي اللهُ المَوْتَى، وَيَبْعَثُهُم مِنْ قُبُورِهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ لِلحِسَابِ والجَزَاءِ.

.تفسير الآية رقم (20):

{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20)}
{آيَاتِهِ}
(20)- وَمِنْ حُجَجِهِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ الخَالِقُ القَادِرُ عَلَى مَا يَشَاءُ مِنْ إِفْنَاءٍ وَإِيَجَاد، أَنَّهُ خَلَقَ أَبَاكُمْ آدَمَ مِنْ تُرابٍ لا حَيَاةَ فِيهِ، ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ يُخْلَقُونَ مِنْ نُطْفَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ، ضَعِيفٍ، ثُمَّ يُقَلِّبُهُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ فِي أَطْوارٍ شَتَى إِلى يَخْرُجُوا أَطْفَالاً، ثُمَّ يَتَطوَّرُونَ في نُمُوِّهِمْ، ثُمَّ يَنْتَشِرُونَ فِي الأَرضِ لِلْعَمِلِ فِيها كَسْباً لِمَعَاشِهِمْ، وإِعْمَاراً لها.
تَنْتَشِرُونَ- تَتَصَرَّفُونَ فِي شُؤُونِ حَيَاتِكُمْ وَمَعَايِشِكُمْ.

.تفسير الآية رقم (21):

{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)}
{آيَاتِهِ} {أَزْوَاجاً} {لآيَاتٍ}
(21)- وَمِنْ آيَاتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى قُدْرَتِهِ تَعَالَى عَلَى البَعْثِ والإِعَادَةِ، أَنَّهُ خَلَقَ لِلبَشَرِ أَزْواجاً مِنْ جِنْسِهِمْ، لِيأْنَسُوا بِهِنَّ، وَجَعَل بَينَهُمْ وَبَينَ أَزْوَاجِهِمْ مَحَبّةً ورَأفَةً (مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)، لِتَدُومَ الحَيَاةُ المَنْزِلِيَّةُ.
وَفِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ خَلْقٍ مِنْ تُرابٍ، وَخَلْقٍ للأَزْواجِ مِنَ الأَنْفُسِ... وَجَعْلِ المَوَدَّةِ والرَّحْمَةِ تَسُودُ عَلاقَاتِ الأَزْوَاجِ بعضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ... لَعِبْرَةٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ في ذلك مِنْ ذَوِي العَقُولِ وَالأَفْهَامِ.
لتَسْكُنُوا إليها- لِتَمِيلُوا إِليَها وَتَأَلَفُوهَا.